**أسرار اختراق المقاذيف النارية لجسم الضحية: من مسارها تكشف الجريمة**
مقدمة:
لطالما حظيت آليات اختراق المقاذيف النارية لجسم الضحية باهتمام كبير من خبراء الأدلة الجنائية والطب الشرعي. ويرتكز هذا الاهتمام على أهمية تحليل مسار المقذوف وتحديد نوع الإصابة (مباشرة أم غير مباشرة) لفهم طبيعة الحادث وتحديد هوية الجاني.
ولكن، يقع بعض الخبراء في فخّ قناعات خاطئة حول ديناميكية المقاذيف النارية، مما يؤدي إلى تحليلات غير دقيقة.
يهدف هذا المقال إلى تقديم تصنيف دقيق لأنواع اختراق المقاذيف النارية، معززا بالمعلومات العلمية والشواهد.
عند وصف الجروح النارية الناتجة عن دخول وخروج المقاذيف النارية سواء المباشرة أو المنحرفة التي غيرت مسارها يجب على الخبراء تحديد نوعية المقذوف الذي اخترق الجسم واعطاء الرأي الفني في تقرير المعاينة والخبرة الفنية بخصوص نوع الإصابة (مباشر أو غير مباشر) بعض الخبراء يغفلون هذا الأمر ويعود ذلك إلى وجود قناعات وتصورات تكونت لديهم على أساس قواعد لا نستطيع القول إنها خاطئة ولكنها ليست ثابتة تتعلق بديناميكية المقاذيف النارية وآلية اختراقها جسم الضحية.
**قواعد شائعة حول ديناميكية المقاذيف النارية وآلية اختراقها جسم الضحية :**
1. **مبدأ الثبات:** يُعتقد خطأً أن المقذوف يظل ثابتا في مساره ووضعه منذ خروجه من فوهة السلاح حتى اختراقه جسم الضحية.
2. **الاختراق الرأسي:** يُعتقد أن المقذوف يخترق الجسم دائمًا بشكل رأسي بمقدمة الرصاصة.
3. **البقاء بعد الاصطدام:** يُعتقد أن المقذوف يبقى كما هو بعد اصطدامه بجسم آخر قبل جسم الضحية.
العوامل المؤثرة التي يتعرض لها المقذوف أثناء رحلته من فوهة البندقية حتى جسم الضحية:
ماذا يحدث للمقذوف بعد خروجه من فوهة البندقية حتى جسم الضحية؟ هل يظل ثابتا من حيث الشكل والكتله والمسار والوضعية التي خرج بها من فوهة البندقية؟ أم أن هناك مؤثرات خارجية يتعرض لها المقذوف بعد خروجه من فوهة البندقية تؤدي إلى حدوث تغييرات؟
من المتعارف عليه علميا وظاهريا من خلال الشكل الخارجي أن الطلقة النارية الرصاصة تتكون من جزئين رئيسين هما علوي راس الطلقة ويسمى المقذوف وسفلي الكبسولة ويسمى الخرطوشة او الظرف الفارغ والجزء العلوي المقذوف يتكون من جزئين حديدي خارجي ويسمى الغلاف وداخلي السهم النحاسي يسمى القلب، وبعد حدوث الانفجار ينفصل الجزء العلوي المقذوف عن الكبسولة الظرف الفارغ وينطلق نحو فوهة البندقية ويخرج منها بشكل راسي، ولكن هل يظل المقذوف محافظا على الوضعية التي خرج بها من فوهة البندقية حتى يخترق جسم الضحية بنفس الوضعية التي انطلق بها من داخل غرفة الانفجار وخرج بها من فوهة البندقية وماهي المؤثرات الخارجية التي يتعرض لها المقذوف بعد خروجه من فوهة البندقية وماذا ينتج عنها ؟
**أهم العوامل التي تؤثر في المقذوف بعد خروجه من فوهة البندقية:**
**1. تفاعل المقذوف مع البيئة:**
يتفاعل المقذوف مع البيئة المحيطة فور خروجه من فوهة السلاح، مما يؤثر على مساره ووضعه.
* **مقاومة الهواء:** تؤدي مقاومة الهواء إلى انحراف المقذوف عن مساره المستقيم، خاصة على مسافات طويلة.
* **التأثيرات الجانبية:** قد يتسبب اصطدام المقذوف بجسم آخر قبل جسم الضحية في حدوث تغيير في شكله وكتلته ومساره ووضعيته بشكل كبير.
**2.استدارة المقذوف قبل اختراق جسم الضحية :**
لا يقتصر اختراق المقذوف لجسم الضحية على الدخول الرأسي بمقدمته، بل قد يدخل الجسم أفقيا بأحد جانبيه.
* **التأثيرات الجانبية:** قد يتسبب اصطدام المقذوف بأشياء أخرى (مثل الأضلاع أو عظام الجمجمة) في تغيير اتجاهه داخل الجسم وحدوث استدارة له مرة أخرى.
* **شكل المقذوف:** قد يؤثر شكل المقذوف (مثل الرصاصة المُشوهة) على شكل الجرح الناتج عن دخول المقذوف ومساره داخل الجسم
**3. استمرار الحركة بعد الاصطدام:**
لا يتوقف المقذوف بالضرورة عن الحركة عند اصطدامه بجسم آخر قبل جسم الضحية.
* **الطاقة المتبقية:** قد يحتفظ المقذوف بقدر كبير من الطاقة بعد اصطدامه الأول، مما يسمح له بمواصلة الحركة واختراق جسم الضحية دخولا وخروجا، وأحيانا يخترق جسم الضحية دخولا ويستقر داخل الجسم يتوقف ذلك على مسافة الإطلاق وموقع الاختراق في الجسم (أحيانا يصادف مسار المقذوف داخل الجسم منطقة تجويف فارغة أو لحمية لايوجد بها عظام صلبة)
* **التشظي والانقسام:** قد يتشظى المقذوف عند اصطدامه بجسم صلب، مما يؤدي إلى انقسام المقذوف واختراق الجسم بجزئين منفصلين وشظايا متعددة.
التُغيرات التي قد تحدث للمقذوف:
قد تحدث تغيرات للمقذوف من حيث الاتي:
-الشكل(المظهر) -الكتلة(الانقسام)
-المسار(الانحراف)
-وضعية الاختراق(الاستدارة)
**تصنيف اختراق المقاذيف النارية الغير مباشرة:**
بناءً على آليات الاختراق، يمكن تصنيف المقذوفات التي تخترق الجسم بشكل غير مباشر إلى أربعة أنواع:
1. **المقذوف الانعكاسي الرأسي:** ينعكس المقذوف عن سطح صلب قبل اختراق جسم الضحية.
2. **المقذوف الانحرافي المائل:** ينحرف المقذوف عن مساره الأصلي بزاوية مائلة قبل اختراق جسم الضحية.
3. **المقذوف الارتدادي الحر:** يسقط المقذوف بعد أن يؤخذ كامل مداه في الهواء دون ان يصطدم أو يخترق جسم اخر قبل اختراق جسم الضحية.
4. **المقذوف الاختراقي:** يخترق المقذوف جسمًا آخر قبل اختراق جسم الضحية.
((تأثيرات تعرض المقاذيف للاصطدام بجسم آخر : فهم إطلاق النار غير المباشر))أقرأ المزيد
**خاتمة:**
يُعدّ فهم آليات اختراق المقذوفات النارية لجسم الضحية أمرًا بالغ الأهمية لخبراء الأدلة الجنائية والطب الشرعي.
فمن خلال تصنيف أنواع الاختراق في المقاذيف الغير مباشرة ، يمكن تحليل مسار المقذوف وتحديد نوع الإصابة بدقة، مما يُساهم في كشف غموض الجريمة.
للاطلاع على المزيد من الكتابات عن الجروح الناتجة عن دخول المقاذيف النارية إليك بعض المراجع التي قد تكون مفيدة:
١- {تأثيرات تعرض المقاذيف للاصطدام بجسم آخر : فهم إطلاق النار غير المباشر }
٢- {كشف أسرار الجروح النارية: دلائل دخول وخروج المقذوفات في الجسم }
٣- {تحديد مسافة الاطلاق في الإصابات الناتجة عن المقاذيف النارية }
٤- {كيف يتم تحديد مسافة وجهة الاطلاق في الجرائم المستخدم فيها أسلحة نارية }
٥- {دلائل أشكال الجروح النارية الناتجة عن دخول وخروج المقاذيف في الجسم }
٦- {التحديات والحلول في تحديد فتحة دخول المقذوف الناري }
**كلمات مفتاحية:**
* مقذوف ناري
* اختراق الجسم
* آليات الاختراق