"حديث الغدير: تفسير فقهي وواقعي"
يقدم هذا المقال تحليلاً واقعياً لحديث الغدير، أحد أهم الأحاديث التي أثارت جدلًا واسعاً عبر التاريخ. يناقش المقال تفسير الحديث، مع التركيز على إمكانية تطبيقه في العصر الحديث، ويدحض الادعاءات التي تطالب بتوريث الخلافة لأهل البيت، مع تحليل موقف الأمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وارضاه.
في ظل النقاش الدائر حول حديث الغدير، أحدهم عقب على منشور لي سابق عن الولاية بالسؤال التالي: وكيف تفسر حديث الغدير؟
أرى أن تفسير الحديث ينبغي أن يكون محدوداً بشخصية الأمام علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، دون أن يتعدى ذلك إلى غيره. إنه حديث مقيد بظروفه وليس مطلقاً، ولا يمكن الاعتداد به كقاعدة فقهية عامة أو القياس عليه، خاصةً في ظل وجود النص القرآني الصريح: * "وأمرهم شورى بينهم" (الشورى 38).
في الفقه الإسلامي، عندما لا يُعثر على نص قرآني يُستدل به على مسألة معينة، يُؤخذ بالنص النبوي. وهذا ما يُعززه موقف علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، الذي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، اتخذ النص القرآني مرجعاً له، ولم يطالب بتطبيق حديث الغدير كقاعدة فقهية ملزمة. ورغم امتلاكه الأهلية الفقهية والقدرة والشجاعة، وشدته في الحق، لعلمه ويقينه الذي لا يخالطه شك بوجوب تقديم النص القراني على ما سواه والعمل به، ولذلك شاور في الأمر وبايع وسمع واطاع للثلاثة الخلفاء الذين سبقوه ، حتى وصل الأمر إليه وتولى أمر المسلمين كخليفة رابع عن طريق تطبيق النص القراني(وأمرهم شورى بينهم ) وليس بنص حديث الولاية، حتى استشهد رضي الله عنه، ولم نسمع انه اوصى بتوريث الخلافة لأحد أبنائه، أو يرد عنه قول أو فعل يدل على وجوب بقاء ولاية أمر المسلمين في نسله وذريته، ولم يُظهر أي ميل لتوريث الخلافة لأبنائه من بعده.
مما سبق يتضح لنا تفسير البعض وهم قلة قليلة لايعتد بهم ممن لهم مطامع شخصية في الحكم والولاية حديث الغدير حسب أهوائهم على أنه أمر صريح من النبي بتعيين الأمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه خليفة من بعده، بينما يرى آخرون وهم الأغلب على أنه مجرد تكريم معنوي لعلي وليس أمراً مُلزماً للمسلمين.
خلاصة وجهة نظر الكاتب:
يميل كاتب هذا المقال إلى وجهة النظر الثانية، ويقدم الحجج التالية لدعمها:
* النص القرآني: ينص القرآن الكريم على أن "وأمرهم شورى بينهم" (الشورى 38)، مما يدل على أن اختيار الخليفة يجب أن يتم من خلال الشورى بين المسلمين، وليس بتعيين مسبق من قبل النبي.
*سلوك الأمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: بعد وفاة النبي، لم يطالب بالخلافة رغم قدرته وامتلاكه القوة، ولم يرفض بيعة الخلفاء الثلاثة الذين سبقوه، بل شارك في الشورى مع بقية الصحابة.
*عدم وجود نصوص أخرى: لم يرد عن النبي أي حديث آخر يدل على توريث الخلافة لأهل البيت، ولم يوصِ علي بن أبي طالب بتوريث الخلافة لأحد أبنائه.
خاتمة:
في ضوء ما سبق، يمكن القول أن حديث الغدير لا يقدم دليلاً قاطعاً على توريث الخلافة لأهل البيت. وبدلاً من ذلك، يدعم النص القرآني وسلوك الأمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فكرة الشورى في اختيار الخليفة، وفي عصرنا الحالي، لو افترضنا تقديم النص النبوي على القرآني، فإننا نواجه تحدياً: أين نجد الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه لنبايعه، وهو قد توفي منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام؟ لا يوجد نص قرآني أو نبوي يلزمنا بإعطاء البيعة لشخصية تاريخية بعد وفاتها، حتى لو كانت أحد الخلفاء الراشدين.
بقلم// ناصر احمد حسين
مساء الأحد 23 يونيو 2024م
---------------------------------
**كلمات مفتاحية:**
- حديث الغدير
- الولاية
- الشورى
- الحكم الإسلامي
- علي بن أبي طالب
- الخلافة الإسلامية